أكثر من 20 عاماً من الخبرة في مجالات خدمة تطوير المنتجات، إدارة الجودة والتدقيق الداخلي وتطوير موارد المعلومات وإدارة الأبحاث، تتحلى بشخصية محترفة ومثابرة وخبرات تراكمية اكتسبتها بحكم طبيعة عملها وقدرتها على توظيف تلك الخبرات بمستويات متقدمة ومحددة في قطاعات مثل الاتصالات، إدارة التغيير، تحليل التفكير والتخطيط، المتابعة والتدريب إلى جانب تخصصات أخرى. إنها المواطنة هناء لوتاه التي تتولى منصب الرئيس التنفيذي لمركز الديرة للدراسات واستطلاع الرأي؛ وتحمل لوتاه درجة بكالوريوس في العلوم المعلوماتية والأنظمة الإلكترونية من جامعة ستراثكلايد اسكتلندا. نتعرف على مسيرة نجاح هناء لوتاه من خلال الحوار التالي:
1– ماهي أبرز المحطات في مسارك المهني والتي ساهمت في وصولك إلى هذه المكانة المتميزة؟ (الحديث بتفصيل عن المهام والأماكن التي عملتم بها)؟
بدأت مسيرتي المهنية قبل 22 عاماً عقب حصولي على بكالوريوس علم المعلومات عام 1994 من جامعة ستراثكلايد، جلاسجو باسكتلندا والذي مهد الطريق إليه نيل جائزة التميز تقديراً لحصولي على المرتبة الثالثة في شهادة الثانوية على مستوى الدولة. وقد شغلت خلال تلك الفترة عدداً من المناصب التنفيذية والإدارية في مجالات متنوعة في قطاعات حكومية وشبه حكومية وخاصة شملت البحوث وتطوير المنتجات الخدمية وإدارة مشاريع تقنية المعلومات والجودة وأنظمة حماية المعلومات وتطوير الكوادر البشرية، كما أُتيحت لي الفرصة للعمل كمدقق داخلي معتمد. وكان للعديد من التدريبات المتطورة دور كبير في صقل مهاراتي التي مكنتني من خوض مجال الجودة وتخطيط المشاريع والبرمجة وتخطيط الموارد ووسائل البحث وتحليل البيانات.
وقد شملت أبرز المحطات في مسيرتي المهنية كلاً من دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي وهيئة دبي للطيران المدني وشركة اتصالات، إضافة إلى تأسيس عملي الخاص في مجال استشارات واستقطاب الموارد البشرية. وقد ساعدتني تلك الخبرة التراكمية التي اكتسبتها من خلال عملي في هذه الجهات، والتي شكلت قدراتي المهنية على مدار السنوات الماضية، في امتلاكي للمهارات اللازمة للاضطلاع بمهام منصبي الحالي كرئيس تنفيذي لمركز الديرة وتحقيق أهدافه المنشودة التي تتمثل في دراسة الرأي العام حول مواضيع تخص المجتمع وتقديم دراسات علمية تعتمد على الدقة والمهنية العالية لتشكيل رافد معلوماتي غني للمجتمع وصناع القرار.
2- من خلال تجربتك الطويلة في مجال تقنية المعلومات، إلى أي حد ساهمت التكنولوجيا في أن تصبح منصة لتقديم حلول متكاملة ودعم التجارة الإلكترونية داخل الدولة؟
تملكني الشغف بعالم تقنية المعلومات قبل أكثر من 25 عاماً حيث قادني حماسي للتعمق في دراسة هذا المجال في وقت لم تكن المنطقة تشهد بعد استخدام الوسائل التكنولوجية المتطورة على نطاق واسع حتى أن التراسل عبر البريد الإلكتروني لم يكن شائعاً كما هو الحال الآن. ولكن العديد من الخبراء كانوا يتوقعون حدوث طفرة هائلة في انتشار المعلومات في غضون عقدين، وذلك من خلال ابتكار تقنيات تقوم بنشر وتوزيع المعلومات ومشاركتها بشكل يجعلها جزءاً لا يتجزأ من تفاصيل حياتنا اليومية. غير أن ما حدث من ثورة معلوماتية فاق كافة التوقعات؛ ولم يعد دور الحلول التقنية المتطورة يقتصر على توفير المعلومات وتسهيل الإجراءات التجارية والمصرفية والإدارية فحسب؛ وإنما طال أثرها نمط الحياة والسلوك الفردي على جميع الأصعدة بحيث بات مختلفاً ومغايراً لما كان عليه قبل عشرين عاماً. فقد أشار العديد من الدراسات العلمية حول آلية عمل الدماغ البشري إلى أن الوظائف الذهنية تطورت بشكل مختلف عن نمطها الطبيعي لكي يضمن لها التكيف مع منطق التطبيقات الإلكترونية ومتطلبات استيعابها والتفاعل معها.
وهو الأمر الذي ألقى بظلاله أيضاً على العمليات التجارية التي أصبحت تتم عبر نقرة زر وبسهولة تامة بفضل هذا التطور التكنولوجي. فقد بذلت الإمارات جهوداً كبيرة خلال الآونة الأخيرة دفعت إلى تطوير وإنماء قدراتها التقنية لتلبية المتطلبات اللازمة لإتمام عمليات تجارية تتسم بالأمان والملاءمة ويمكن إنجازها بسهولة ويسر؛ حيث تم توفير حلول متطورة لمنصات الدفع الإلكتروني تستطيع الربط بشكل فعال بين عناصر المعاملة التجارية من أفراد وأعمال ومؤسسات مالية، وفي الوقت ذاته إجراء عمليات السداد والبيع والشراء بشكل آمن. كما تم توفير أنظمة معنية بحماية المعلومات المتبادلة خلال معالجة تلك المعاملات التجارية بما يضمن أعلى مستويات الأمان ودرء محاولات الاحتيال الإلكتروني. وهو ما ساهم بشكل كبير في تنشيط قطاع التجارة الإلكترونية والتسوق عبر الإنترنت في الدولة، لا سيما مع الجهود التي بذلتها الإمارات التي كان لها السبق في توفير البنية التقنية اللازمة من أنظمة وسياسات، وذلك من خلال توجه الحكومة الرسمي لدعم وترسيخ استخدام تقنيات المعلومات في تسهيل المعاملات الرسمية بكافة أنواعها وإنجازها عبر نافذة واحدة. وقد تحقق ذلك بفضل خلق منصة ربط لخدمات الجهات الحكومية عبر بيئة إلكترونية آمنة تساهم في تبسيط الإجراءات وتعمل على تحقيق تكامل الخدمات الحكومية وتحسين جودتها، هذا بالإضافة إلى استعداد مجتمع الأعمال والأفراد لاعتماد وتطبيق الحلول المتطورة في هذا المجال.
3- وماذا عن دور التكنولوجيا في دعم الإرشاد السياحي وتطوير المنتجات الخدمية من خلال تجربتكم في “دائرة السياحة بدبي”؟
ساهم التطور التكنولوجي في تعزيز قطاع السياحة في دبي بشكل كبير على مدار السنوات الماضية. ولولا التعاون الوثيق بين مختلف الجهات المعنية على صعيد قطاعي السياحة والاتصالات والمعلومات لتوفير الحلول التقنية والمنصات الرقمية المتطورة لما تمكن هذا القطاع الحيوي من تحقيق مثل هذا النجاح، ولما استطاع أن يرسخ لمكانة دبي على خارطة السياحة العالمية والمنتجات الخدمية الفائقة الجودة. وخلال فترة عملي في دائرة السياحة كانت لا تزال المبادرات التكنولوجية في طورها الأول ولم تكن أنظمة العمل تعتمد على التقنيات الرقمية كما هو الحال في الوقت الحاضر. ولكن مع ما نشهده في الوقت الحالي من ثورة تكنولوجية ومعلوماتية هائلة، أصبح كل شيء يتم بسرعة وعبر خطوات بسيطة، كما بات الترويج للمنتج السياحي والخدمي على مستوى العالم أكثر فعالية وسهولة.
4- تم تعيينك الرئيس التنفيذي لمركز الديرة للدراسات واستطلاع الرأي، ماذا أضاف لك هذا المنصب، وماهي أهداف هذا المركز؟
لطالما كان يتملكني اهتمام شخصي بالقضايا الاجتماعية والواقع المحلي الذي يُعد انعكاساً لسلامة المجتمع وتوجهاته العامة. وقد وجدت أن علينا البحث في تلك القضايا من أجل المساهمة في الكشف عن مسبباتها والتأهب لتداعياتها والعمل على حلها من خلال توفير البيانات الموثوقة المتعلقة بالرأي العام، فضلاً عن المعلومات الوافية حول الاتجاهات المتباينة إزاء مختلف الشؤون الحياتية والمجتمعية. ومن خلال هذا المنصب أُتيحت لي الفرصة لتأسيس أول مركز محلي مستقل لدراسات استطلاع الرأي العام في دولة الإمارات، وتشكيل نواة للبحث المهني المستقل الذي يصب في الصالح العام؛ وذلك بناءً على أسس مهنية ومعايير دولية تضمن تقديم الحقائق مع مراعاة أعلى مستويات الدقة والنزاهة والسرية. ويسرني أن أكرس جهود المركز لتلبية احتياجات العملاء وصناع القرار والسياسات في المؤسسات المحلية الحكومية والخاصة لدعم استراتيجيات ومبادرات النهوض بالمجتمع.
وبصفة عامة، يشكل واقع القضايا الاجتماعية تحدياً كبيراً في منطقة الشرق الأوسط والخليج وذلك لاختلاف مستوى تقبل البحث في جذور المشاكل الاجتماعية لحساسية وخصوصية المجتمعات تجاه عرض مسببات القضايا وطرحها في دراسات وأبحاث رسمية. ولذلك يأتي تأسيس وإنشاء مركز الديرة في إطار الشعور بالواجب نحو المساعدة في اتخاذ القرار عبر الأبحاث المختصة، إضافة إلى توسيع القاعدة المعرفية في المجتمع عبر نشر أبحاث عامة يمكن الاستفادة منها في كافة نطاقات القضايا الاجتماعية التي يُعنى بها المركز بهدف رفع الوعي العام. ونهدف في مركز الديرة أيضاً إلى الترسيخ لدورنا الرائد في مجال الأبحاث على مستوى دولة الإمارات؛ كما نسعى إلى كسب ثقة أفراد المجتمع الإماراتي لدمجهم في استطلاعاتنا المستقبلية وتشجيعهم على المساهمة في تطوير المجتمع وفق أسس مدروسة.
5- ما هي أهم الدراسات التي قمتم بها حتى الآن وما هي نتائجها؟
أجرى المركز عدداً من الدراسات الشاملة والموسعة لتقييم مستوى الوعي بعدة قضايا منها العنف الأسري والاتجار بالبشر ومصادر الأخبار، وذلك بهدف تقديم المعلومات الوافية والموثوقة لعدد من الجهات. كما قمنا بإجراء استطلاعات خاصة بالخدمة الوطنية على عدة مراحل، ودراسات أخرى شملت قياس مستوى الإقبال على التصويت قبل انتخابات المجلس الوطني الاتحادي لعام 2015 للتعرف على مستوى رضا الناخبين عن العملية الانتخابية؛ فضلاً عن وعي أعضاء الهيئة الانتخابية بدور المجلس الوطني الاتحادي. وقد عكست نتائج تلك الدراسات واقع الرأي العام في الدولة الذي كشف عن ارتفاع مستوى الوعي لدى فئات المجتمع المختلفة حول قضايا ذات خصوصية تبين أنها لا تشكل ظواهر اجتماعية كما كان يُعتقد في السابق.